علاج الألم المزمن بالجلسات الباردة: حالات واقعية من مصر
يعاني عددًا كبيرًا من الأشخاص حول العالم، ومن ضمنهم مصر، من “الألم المزمن”.. وهو الألم الذي يستمر لفترات طويلة أو يتكرّر باستمرار، ويتجاوز المرحلة الحادة للإصابة / الالتهاب، هذا الألم المزمن يُشكّل عبئًا على جودة الحياة، ويُقيِّد الحركة والنشاط، ويُستلزم غالبًا علاجات دوائية وجراحية وتأهيلية.
وفي السنوات الأخيرة برزت وسائل علاجية داعمة، وفيما يلي سوف نتعرف على علاج الألم المزمن بالجلسات الباردة “العلاج بالتبريد”، التي تعتمد على استخدام درجات حرارة منخفضة بشكل موضعي أو شامل لتخفيف الألم والالتهاب.
فسوف نتناول: تعريف العلاج بالتبريد؟ كيفية عمله؟ ما هي إمكاناته لعلاج الألم المزمن؟ وما هي أبرز التجارب والدراسات التي اهتمت بالعلاج بالتبريد في مصر؟ ونُشير في النهاية إلى بعض الملاحظات والتحذيرات الهامة.
ما هو العلاج بالتبريد؟!!
العلاج بالتبريد هو استخدام البرودة لتأثير علاجي، سواء بتطبيق كمّادات ثلجية أو أكياس التبريد، أو استخدام أجهزة تبريد مخصصة أو في بعض الحالات يتم استخدام غرف تبريد أو تبريد شامل للجسم، حيث يُستخدم كمكمّل للعلاج التقليدي أو في حالات تهيّج أو التهاب أو ألم معين.
يؤدي علاج الألم المزمن بالجلسات الباردة في Defy إلى انقباض الأوعية الدموية الموضعية (vasoconstriction) في المنطقة المعالجة، مما يقلّل من تدفّق الدم والمواد الالتهابية، ويُبطئ في نفس الوقت توصيل إشارات الألم.
كذلك يُساعد في تقليل الانتفاخ والضغط على الأنسجة، وبالتالي يُسهّل بدء التمارين التأهيلية أو الحركة بعد الجراحة أو الإصابة.
وفي مصر، يتم حاليًا أ تطبيق هذا النوع من العلاج في بعض المراكز كخيار مكمّل للعلاج الطبيعي والتأهيل، أو كجزء من بروتوكولات ما بعد العمليات.
لماذا يتم علاج الألم المزمن بالجلسات الباردة من Defy؟
في الألم المزمن، هناك غالبًا مزيج من الالتهاب الخفيف المزمن، أو التهيّج في الأعصاب أو الأنسجة، بالإضافة إلى تقلّب في حركة المفاصل أو العضلات، وربما تغيّرات في بنية الأنسجة (مثل التليف)، حيث يُعدّ التبريد وسيلة داعمة يمكن أن تساهم في الحصول على العديد من الفوائد، وفيما يلي سوف نتعرف على فوائد العلاج بالتبريد:
- تخفيف “درجة الحرارة” الوظيفية للأنسجة أي تقليل النشاط الزائد للأنسجة الملتهِبة أو المتهَيّجة.
- خفض الإحساس بالألم عبر تأثيرات على الأعصاب الناقلة (تبطئها أو تُقلّل من حساسيتها).
- تخفيف التورّم أو الانتفاخ في منطقة الألم أو المفصل، مما يقلّل من الضغط على الأنسجة أو الأعصاب المجاورة.
- تمكين المريض من إجراء تمارين تأهيلية أو تحريك المفصل أو العضلة بصورة أسرع أو أقل ألمًا، مما يُحسّن المكوّن الحركي من التأهيل.
ولهذه الأسباب يُنظر إلى العلاج بالتبريد كأحد وسائل “التدخّل المبكّر” أو “التدخّل التكميلي” وليس بديلًا جوهريًا عن العلاج الطبي أو الجراحي أو الدوائي، لكن له دور داعم مهم.
حالات واقعية من مصر.. ماذا تقول البحوث والممارسات العملية؟
وفي مصر، توجد بعض الدراسات التي تناولت تطبيقات للتبريد في مجالات مختلفة، رغم أن بعضها لم يخصّ بشكل حصري “الألم المزمن” بمعناه الواسع، لكنها تُعطِي مؤشرات جيدة:
- دراسة في قسم التمريض بكلية جامعة بنِي سويف: تناولت استخدام التبريد الموضعي (كدَفعة معالجة) لتخفيف الألم الناتج عن إزالة أنبوب الصدر بعد جراحة فتح الصدر، وقد وُجد أن التبريد قلّل بشكل كبير من شدة الألم والمشاعر المرتبطة به.
- دراسة أخرى في مستشفى الاسكندرية بعنوان “تأثير التبريد الضاغط على شدة الألم والانتفاخ لدى مرضى بعد منظار الركبة”: وجدت أن المجموعة التي حصلت على التبريد الضاغط شهدت انخفاضًا كبيرًا في شدة الألم والانتفاخ مقارنة بالمجموعة الضابطة.
- دراسة ثالثة في مصر (جامعة المنوفية): قارنت بين العلاج بالليزر منخفض المستوى وتطبيق التبريد في تخفيف الألم والتقلّص الفكي عقب جراحة ضرس العقل، وقد وجد الباحثون أن التبريد فعّال أيضًا، وإن كان الليزر تفوّق في هذه الحالة.
على الرغم من أن هذه الدراسات ليست كلّها عن “الألم المزمن” بمفهومه الواسع الشامل لمتلازمة الألم المزمن، لكنها تدل على التوجه نحوه وإلى إمكانيات التطبيق المحلي.
كيفية علاج الألم المزمن بالجلسات الباردة بشكل عملي
يعتمد التطبيق العملي على نوع الألم والموقع والحالة الصحية للمريض، لكنه وبشكل عام يتم م خلال القيام بما يلي:
- مرحلة التقييم: حيث يتم تحديد موقع الألم، وطبيعته (مفاصل، أعصاب، عضلات)، وتاريخه، والتأكد من عدم وجود موانع للقيام بالعلاج بالتبريد مثل ضعف الدورة الدموية أو أمراض حساسية للبرودة (مثل بعض حالات رينو).
- اختيار نوع التبريد المناسب: فهناك عدة أنواع تتمثل في: التبريد الموضعي وهو عبارة عن كمّادات ثلج مغطّاة بقطعة قماش، أو أكياس تبريد، أو حشوات تبريد، لمدة 10-15 دقيقة عادة، مع مراقبة الجلد. والتبريد الضاغط الذي يتم من خلال أجهزة محددة. وكذلك جلسات كرايو شاملة أو محلية في غرف خاصة.
- مدة وتكرار الجلسات: حيث يتراوح زمن الجلسة من 5-20 دقيقة حسب الحالة والمنطقة المراد علاجها، حيث لا يمكن استخدام التبريد لفترة طويلة ومتواصلة من دون مراقبة (قد يسبب تخدّر أو تغيّرات في الجلد).
- الدمج مع العلاج الفيزيائي أو التأهيلي: التبريد ليس بديلًا عن التمارين، بل يساعد في تقليل الألم أو الانتفاخ بحيث تبدأ الحركة أو التمارين بألم أقل.
- المتابعة والتوثيق: من خلال قياس شدة الألم قبل وبعد، وملاحظة مدى تحسّن الحركة أو انخفاض الأدوية المسكّنة أو تحسّن النوم/جودة الحياة.
- التحذيرات والموانع: يجب تجنّب البرودة المفرطة للجلد لفترات طويلة، أو في حالات ضعف الإحساس، أو أمراض الأوعية الدموية، أو البرد المفرط الذي قد يضرّ الأنسجة، كما ينبغي استشارة الطبيب قبل التطبيق في حالات مثل التهاب الأعصاب الحاد أو الجلد التالف.
ملاحظات وتحذيرات هامة حول علاج الألم المزمن بالجلسات الباردة
- التبريد يُخفّف الألم ولكنه ليس علاجًا جذريًا دائمًا، خاصًة في حالات الألم المزمن المعقّدة (مثل آلام الأعصاب المزمنة، أو الألم الناتج عن تليّف كبير أو تغيّرات مفصلية متقدّمة).
- ليس هناك حتى اليوم وفرة كبيرة من الدراسات المصرية التي تتبّع حالات الألم المزمن لمدّة طويلة بعد تطبيق التبريد وحده، لذا ينبغي اعتباره ضمن خطة شاملة.
- من الأفضل الدمج بين التبريد، العلاج الطبيعي، تحسين نمط الحياة (نشاط بدني مناسب، وزن صحي، وضعية جسدية جيدة)، والعلاج الدوائي/الطبي عند الحاجة.
- يجب الإنتباه من قبل من لديهم بعض الأمراض مثل: حساسيات للبرد، متلازمة رينود، أمراض الأوعية الدموية الطرفية، ضعف الإحساس الجلدي، أو حالات عدوى في المنطقة.
- من المهم أن يتم توجيه المريض وتدريبه على التطبيق الصحيح، والجلوس أو الاستلقاء بشكل مناسب أثناء التبريد، ومراقبة الجلد إن ظهر احمرار شديد، تنميل طويل، أو تغيّر في اللون.
في ضوء ما سبق، يمكن القول إنّ علاج الألم المزمن بالجلسات الباردة في مركز Defy يشكّل أداة فعّالة وهامة ضمن خيارات علاج الألم، ويُعدّ خيارًا داعمًا مناسبًا لعدة حالات الألم والالتهاب.
فإن كنت مريضًا يعاني من ألمٍ مزمن، يمكنك التحدث مع طبيبك أو مع أخصائي العلاج الطبيعي حول إمكانية إدراج “جلسات تبريد” ضمن خطة العلاج، مع تحديد منطقة الألم، ونوع التبريد (موضعي أو ضاغط أو مركز كرايو)، وعدد الجلسات، وقياس النتائج بوضوح (تخفيف الألم، تحسّن الحركة، تقليل الأدوية).